الصفحات

Thursday, July 26, 2012

قصة الملك والوزير (قصة عن الغدر)

قصة الملك والوزير (قصة عن الغدر)

يقال أن ملك أمر بتجويع 10 كلاب لكي يرمي لهم كل وزير يخطئ فيأكلوه
فقام أحد الوزراء بإعطاء رأي خاطئ لم يعجب الملك ، فأمر برميه للكلاب
فقال له الوزير أنا خدمتك 10 سنوات وتعمل بي هكذا !! أمهلني 10 أيام قبل تنفيذ هذا الحكم
فقال له الملك لك ذلك ، فذهب الوزير إلى حارس الكلاب وقال له أريد أن أخدم الكلاب فقط لمدة 10 أيام
فقال له الحارس وماذا تستفيد ؟فقال له الوزير سوف أخبرك بالأمر مستقبلا
فقال له الحارس لك ذلك ، فقام الوزير بالاعتناء بالكلاب وإطعامهم وتغسيلهم وتوفير لهم جميع سبل الراحة
وبعد مرور 10 أيام جاء تنفيذ الحكم بالوزير وزج به في السجن
مع الكلاب والملك ينظر إليه والحاشية فاستغرب الملك مما رآه
وهو أن الكلاب جاءت تبصبص تحت قدمية
فقال له الملك ماذا فعلت للكلاب
فقال له الوزير خدمت هذه الكلاب 10 أيام فلم تنسى الكلاب هذه الخدمة وأنت خدمتك 10 سنوات فنسيت كل ذلك
طأ طأ الملك رأسه وأمر بالإعفاء عنه .
الحكمة
^^^^^^^^^^^^^^^
هكذا البعض من البشر، بمجرد اي موقف يصادفهم ويكون عكس رغباتهم، ينسون بسرعة!
فتذكر دائما عندما تغضب من إنسان لا تتربص له الخطأ
بل تذكر له ما فعله من أجلك قبل خطأه
تذكر حسناته قبل سيئاته
واغفروا يغفر لكم
مـــــــــــــــنقولة

Wednesday, July 25, 2012

الجرائم الدولية وأنتهاكات حقوق الإنسان

الجرائم الدولية وانتهاكات حقوق الإنسان
سهى بطرس هرمز
الجرائم الدولية هي جرائم كبرى Crimes high وجنايات خطيرة Infamous Crimes ، ترتكب مع وجود القصد الجنائي للفاعل Criminal Intent. مُخلفة ضحية أو مجموعة من الضحايا، ومُخالفة قواعد القانون الدولي والأعراف الدولية، ومُضرة بالمصالح الدولية والأساسية التي يحميها هذا القانون، في نطاق العلاقات الدولية. ويرى "بلاوسكي"  إن الجريمة الدولية هي كل فعل غير مشروع يقترفهُ الأفراد ويُعاقب عليه القانون الدولي الجنائي، كونهُ يضر بالعلاقات الدولية في المجتمع المدني.
في عام 621 قبل الميلاد، صدر في (اليونان- أثينا) قانون سمي بــ (قانون درا كون) وصفه أرسطو بأنهُ:" القانون الذي يكشف عن القوة المتناهية والعقوبات القاسية والصعبة"، وذلك لأن الملك اليوناني درا كون Dragon كتب نصوصه من دم الضحايا والأبرياء، ليكون مثالا للقوانين القاسية التي تدل على الوحشية والقسوة ضد الإنسان والإنسانية، وكانت التبريرات لذلك هو بناء حكم ونفوذ قوي يخدم الملك درا كون، تحت ذريعّة بناء الوطن والدفاع عن مصالح الشعب وترسيخ التقاليد اليونانية.
ويبدو إن التاريخ يعيد دورته، ولكن في بلاد أخرى وزمن آخر وناس آخرين! زمنًا باتْ فيه الإنسان أرخص حاجة ويباع ويشترى فيه، رغم كل ما شرعته الأديان السماوية وخصت بها الروح البشرية، وأيضا رغم كل ما سنتهُ البشرية من قوانين صيغت لتكون مع الإنسان وتنصفهُ! ولكن لا حياة لمنْ تنادي. الحقوق أهدرت والحريات قُيدت، والالتزامات الدولية  خُرقت، وشهد الإنسان من الإيذاء والتعذيب والقتل وعدم المساواة والإنصاف ما لا يقدر ولا يحصّى.
ونظرا لما عاناه الإنسان وتعانيه الإنسانية، من ويلات والآلام نتجت عن حربين عالميتين، فقد بدء اهتمام القانون الدولي بالفرد، من خلال صيغ وأشكال مختلفة، وخصوصًا فيما يتعلق بتفاصيل الحقوق والحريات التي تخصهُ.
فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001 ، شهد العالم ظهور حالات صريحة لانتهاك حقوق الإنسان بحجة الإرهاب، وكشفت بعض الجرائم الدولية التي ارتكبت ضد حقوق الإنسان، مما سبب تهديداً بالغًاً للأمن والسلم الدوليين، نتيجة سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها القوى الكبرى في سياستها، التي فرضت وبشدة قضية العلاقة بين الإرهاب وحقوق الإنسان، على الساحة الدولية والمحافل الوطنية.
بعد هذه الأحداث، غرق العالم في مستنقع العدوان والأنانية والانتهازية والانتقائية، وقامت الدول العظمى  بربط هذه الأحداث بين العراق والإرهاب. وأظهرت في العراق عن وجهها المتخفي خلف قناع الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتكلمت وخاطبت الإنسانية بلغتها التي هي الإرهاب نفسه. ومارست سياستها على الصغير والكبير، والتي تتناقض تناقضًاً تامًا مع مبادئ القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان وحقوق الطفل. زارعةٍ  بذرة الظلم والطغيان والاستغلال والنهب والسرقة والقتل العشوائي والتشريد والدمار والتهجير والعنصرية والطائفية، والعراقيين وحدهم هم من جنوا وذاقوا من كل ما غُرس، مع فراغ السلطة والصراع الطائفي وانهيار النظام المدني وتردي الأوضاع الاقتصادية والمدنية والسياسية.
فالحرب التي شنتْ على العراق، حولت حضارتهِ وتاريخهِ وشعبهِ العظيم إلى بلد مُنهار نتيجة سنوات الحروب والحصار، التي فرضت لسنوات طوال، والتي لم يكن سوّى ذريعّة واهية، لمُحاولة السيطرة على المنطقة من خلال البوابة العراقية والسيطرة كذلك على ثرواتهِ النفطية. وتحت ذريعّة إحلال الديمقراطية وترسيخ العدالة والمساواة وحماية حقوق الإنسان تارة، وتارة أخرى تحت ذريعّة حفظ السلم العالمي، وحق الشعوب في تقرير مصيرها. وما بين هذا وذاك أهدرت حقوق الإنسان العراقي.
كما لا يخفي على الشاهد أن نشوب الحروب المتكررة تؤدي إلى نزاعات وصراعات مسلحة بين الدول، والى صراعات داخلية، فعندما يفقد الناس وظائفهم، وتسوء حالتهم المعيشية والاقتصادية، ومع تردى الأوضاع الأمنية، يزداد ضيقهم بأوضاعهم ويصبحون أكثر عرضة للانخراط في صفوف المتمردين، وما يعنيه ذلك من صراعات داخلية. كما إن ضعف هيكلية الدولة المالية والاقتصادية، يجعلها تفتقر إلى الإمكانيات التي تؤهلها على مواجهة مشكلاتها، مؤدية بالتالي إلى خلق فرص لنشوب صراعات ونزاعات داخلية. وهذا ما يحصل اليوم في العراق.
إن استمرار العنف المنظم وانتشار الجريمة بكافة أشكالها، وانتشار الإمراض وقلة الأدوية، إضافة إلى صعوبات المعيشة للمواطن العراقي رغم ثروات بلاده. جاءت نتيجة لغزو العراق وبهدف تعزيز إستراتيجية الدول العظمى، وتحقيق اطماحها، لهذا يمكن القول إن القانون الدولي يتداخل مع المصالح السياسية للدول الكبرى المتحكمة بالنظام الدولي، ومع ازدواجية المعايير عند تطبيق الشرعية الدولية. في ظل عالم متغير وقضايا دولية معاصرة غير معهودة.
وأخيراً نقول:
حقوق الإنسان من المواضيع الحيوية والفعالة في حياة الأفراد والمجتمعات الإنسانية، والتي من المفروض أن ينظر إليها نظرة واقعية بعين الحقيقة وبتعمق، وليس مجرد قراءة كلمتين كعناوين! وأيضا لابد وأن تحظى بالأهمية والأولوية والاحترام وذلك لأن للإنسان قيمة عليا في هذا الوجود، ويجب أن تسخر كل الإمكانيات لرقيه وتطوره، من أجل أن يكون إنسان كما خلق إنسان.
ونقول أيضا تنتهي الحرب، ولكن لا تنتهي المآسي والمصائب والنكبات التي تخلفها، والآثار المتبقية التي تتركها الحروب على البشرية والبلد، والناظر إلى مخلفات الحروب يرى مناظر تُندى لها جبين الإنسانية. وصمة عار تبقى على جبين كل مُحتل مُتحمس لخوض حروب تهدد وجود الإنسان وأمنه، بذريعّة القضاء على الإرهاب أو بذريعّة حقوق الإنسان. مُتخطين أبسّط القيم الحضارية والإنسانية، وبوسائل أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها قذرة، ولكن نتيجتها مُدمرة.
فالذرائع التي جاء بها الاحتلال بغية تبرير الحرب على العراق، لم تكن إلا تتويجًا للسياسة التي تنتهجها في البلد، ولتحقيق مصالح إستراتيجية في المنطقة. فإذا كان المحتل يرى إن الشعب كان مُنتهك الحقوق، وان النظام الذي كان فيه دكتاتوريًا، فهذا ليس مبرراً بفرض الحصار على العراق وشعبه ومعاقبته بشن الحرب عليه عام 2003، والتسبب بكل الفوضى والخراب، والصراعات، والأحقاد وكل الدمار الذي تركته فيه من جميع النواحي الصحية والعلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وهنا نتساءل؟
هل الحرب على العراق كانت الحل الأمثل والوحيد؟!  وهل كانت الحرب مشروعة وعادلة؟! وإذا كان العراق قد جرت معاقبته مثلما يدعون على امتلاكه أسلحة الدمار الشامل وبسبب انتهاكه حقوق الإنسان، إذن كيف تعالج حقوق شعب فلسطين المنتهكة ؟!
إن ما يرتكب بحق الإنسانية من حروب وغزو تحت شعار " الديمقراطية وحقوق الإنسان والتحرر". هي جرائم مُخلة بالأمن والسلم الدوليين، وهي انتهاكات صريحة وخطيرة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، واستهانة بالحياة البشرية وبقيمتها وجوهرها. والمثل العراقي يقول عند حدوث  كارثة ( بالمال ولا بالعيال) وذلك تقديراً وتقييمًا للقيمة العليا التي خصها الله للإنسان، والإنسان للإنسان نفسه، لأنهُ في الأول والأخير هو من يأتي بالمال ويستطيع أن يعوضهُ عند خسارتهِ، لكن النفس إذا فقدت لا تعوض، ولكن هذا المثل يفقد قيمته في ظل سياسات تنتهج من أجل مصالح لا تدوم، ووقتية!

الجانب المظلم من التكنولوجيا المعلوماتية

الجانب المظلم من التكنولوجيا المعلوماتية
سهى بطرس هرمز
الجريمة كما نعلم بمفهومها المُبسّط، وكما هي في نطاق القانون الجنائي وقانون العقوبات، تعرف بأنها كل فعل أو امتناع عن فعل يحرمهُ القانون، ويفرض عليه عقوبة أو تدبيرًا احترازياً، تبعًا لنوع الجريمة المُرتكبة وخطورتها، والتي تلحق ضرراً بشخص معين أو بمُجتمع ككُل.
وقد عرفت المُجتمعات الإنسانية جرائم مُتعددة واجهتها بشتّى السُبل والوسائل وسنتْ لها قوانين مختلفة. لكن مع تطور العلوم والتكنولوجيا ودخول وسائل الاتصال المتعددة من أجهزة الموبايل وشبكات نقل المعلومات وشبكة الانترنيت إلى مجتمعاتنا وكافة جوانب حياتنا، بدأت بإفراز أنماط مُستحدثة من الجرائم، مُعقدة في طرق ارتكابها ووسائل كشفها، مُخلفة خطراً يُؤرق المجتمع على الصعيد المحلي والدولي معاً. تسمى جرائم الانترنيتInternet Crime  أو جرائم المعلوماتية  Information Crime. والتي هي فعل إجرامي أو سلوك غير مشروع وغير مسموح به، في محاولةٍ للوصول لبيانات سرية مخزونةٍ داخل الحاسوب، وغير مسموح بالإطلاع عليها ونقلها ونسخها أو حذفها. أو تدمير بيانات وحواسيب الغير بواسطة الفيروسات، والاعتداء على حرية  الأشخاص واستغلالهم.
 والدراسات والمؤلفات في هذا الحقل قديمها وحديثها خلت من تناول الفقه على تعريف مُحدد للجريمة المعلوماتية.  حسب ما وردّ في شبكة النبأ المعلوماتية، بحجة إن هذا النوع من الجرائم ما هو ألا جريمة تقليدية ترتكب بأسلوب الكتروني. وقد تباينت التعريفات التي تناولتها وفق معيارين: معيار قانوني قائم على موضوع الجريمة والسلوك محل التجريم أو الوسيلة المستخدمة، ومعيار شخصي: وتحديدا يتطلب توفر المعرفة والدراية التقنية لدى شخص مُرتكب الجريمة. إضافة إلى التعريف القائم على تعدد المعايير: والذي يشمل التعريفات التي تبرز موضوع الجريمة وأنماطها وبعض العناصر المتصلة بآليات وبيئة ارتكابها أو سمات مُرتكبيها.
كما ذكرنا أعلاه بأن الجرائم تعددت واختلفت صورها وخاصة الالكترونية، ولم تقتصر على جرائم الفيروسات، وجرائم اقتحام واختراق الشبكات الالكترونية وتدميرها أو سرقة معلومات وبيانات الأشخاص أو المؤسسات والبريد الالكتروني، بل انتشر إضافة إليها جرائم أخلاقية  تمسُّ الإنسانية مثل الابتزاز والاختطاف والقتل والتهديد والتهجم والسب والشتم ... الخ، وجرائم التخطيط لارتكاب عمليات إرهابية وتعليم الإجرام، والجرائم الجنسية من التغرير بالأطفال والنساء، وجرائم الدعارة والدعاية للشواذ أو تجارة الأطفال والمُمارسات الغير أخلاقية، إضافة إلى جرائم الاتجار بالبشر والذي يمثل نوع من الإجرام الدولي المنظم الذي يدر مليارات الدولارات، ونسميه في عصرنا الحالي (استرقاق العصر الحديث). بعكس الاسترقاق في الأزمنة الماضية. مُضيفين إليها جرائم التشهير وتشويه السمعة عبر مواقع مُخصصة لهذا الغرض.
هذه الجرائم جميعها وغيرها الكثير باتتْ ترتكب نتيجة للفرص الذهبية التي يتيحها الانترنيت من تسهيل لارتكاب الجرائم التقليدية من ناحية، ولأن الانترنيت يساعد على حدوثها بنسبة أكبر، لأنهُ لا يعترف بالحدود أو الحواجز  بين الدول والأشخاص. والتفتيش في نوع هذه الجرائم عادة يتم على نظم الكمبيوتر وقواعد البيانات وشبكة المعلومات، وقد يتجاوز النظام المشتبه به إلى أنظمة أخرى مُرتبطة، وهذا هو الوضع الغافل في ظل شيوع التشبيك بين الحواسيب وانتشار الشبكات الداخلية على مستوى الشبكات المحلية والإقليمية والدولية.
مع الأسف تحول الكمبيوتر إلى مسرح لارتكاب الجرائم الالكترونية، تستخدم فيها شبكة الانترنيت كأداة فيه، والتي لا تترك أثراً ماديًا كغيرها من الجرائم ذات الطبيعة العامة والخاصة، لأن مُرتكبيها يمتلكون القدرة على إتلاف وتشويه وإضاعة الدليل في فترة قصيرة جدا مُقارنة بالأثر الذي تتركهُ الجريمة التقليدية. ولو نظرنا إلى الجريمة الالكترونية نجدها تتشابه مع الجريمة التقليدية فقط في أطراف الجريمة من المُجرم (المجني)، والضحية (المجني عليه) والذي قد يكون شخص طبيعي أو شخص اعتباري. بينما الاختلاف الحقيقي يكمْن في الأداة المُستعملة ومكان الجريمة، والتي تكون في الجريمة الالكترونية ذات تقنية عالية، وأيضا المكان الذي لا يتطلب من الجاني الانتقال إليهِ.  
إذن أصبح من الصّعب حصرّ جرائم الانترنيت في أشكال وأساليب مُحددة، فيومًا بعد يوم ومع تطور التكنولوجيا تزداد تنوعًا وتعدداً كلما زاد العالم في استخدام الحواسيب وشبكات الانترنيت. ويمكننا القول اليوم وفي خضم التطور الهائل والسريع للتكنولوجيا بأن المجال أصبح مفتوحًا لكل أنواع الجرائم، وأصبح الانترنيت ساحة إجرام مثالية تتحدّى الأجهزة القضائية بقدرات وإمكانيات أكبر، بشكل يُهدد أمنها وأمن ورقي المجتمع.
فالمعلوماتية إذا كان لها من السلبيات ما ذكرناها، فلها من الايجابيات أكثر. فهي وسيلة تعليم وتواصل وتثقيف وتعريف، ومفيدة في كثير من النواحي لا تعدُّ ولا تحصّى. فهي مفيدة من الناحية الأمنية ومن الناحية العلمية والعملية والتثقيفية والاقتصادية والتجارية، وكذلك فهو يساعد على التطلع على ثقافات وحضارات الشعوب وتقريب الأفكار والتواصل معها. ولكن في حالة ما إذا استخدم بشكل خاطئ وغير قانوني، عندها يكون مُهدد للأمن الاجتماعي، وخاصة في المُجتمعات المُغلقة. وبالتالي يؤدي إلى تلوث ثقافي وأخلاقي وفكري، مُخلفًا فساد وتفسخ اجتماعي وانهيار في النظم والقيم الأخلاقية والسلوكيات لهذه المجتمعات.
ونلاحظ التأثير السلبي للاستخدام السيئ والغير القانوني للشبكة، يكون أكثر على المراهقين الهواة! مما يؤثر سلباً على نمو شخصيتهم وسلوكهم ويوقعهم في أزمات نمو فكري، وأزمات نفسية لا تتماشىّ مع القيم والأخلاقيات السائدة في المجتمع، من ذلك التعامل مع المواقع الإباحية وغرف الجات والدردشة لساعات طوال. مع العلم إن الاستخدام الغير قانوني والغير أخلاقي للشبكة ليس مُقتصر على فئة معينة دون أخرى، بل باتْ يستخدم وبنسبة (لا نعمّم على الجميع) ابتداءً من الطفل وانتهاءً بالكهل. أي يستخدم من قبل مُختلف الفئات العمرية ولكلا الجنسين.
وهذا النوع من الجرائم بدأ يثير جدلاً واسعًا على مستوى العالم لخطورتهِ واستفحالهِ بشكل مُثير للدهشة. وقد شرعت العديد من الدول الأوربية قوانين خاصة بهكذا نوع من الجرائم الالكترونية مثل هولندا وبريطانيا وفرنسا واليابان وكندا، كما اهتمت البلدان الغربية بإنشاء أقسام ومراكز خاصة بمكافحة جرائم الانترنيت ولاستقبال ضحاياه وشكواهم. ووفقًا للقاعدة القانونية في قانون العقوبات (لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص  قانوني). باعتبار إن التشريعات العربية لم تعالج هذا النوع من جرائم الانترنيت، وبالتالي بقيت هذه الأفعال والمُمارسات جميعها خارج سلطة القانون.
إن الجرائم الالكترونية تنطوي على قدر كبير من الخطورة بالشكل الذي يستلزم الاهتمام بها وتقليص حجمها على الحياة العملية والعلمية والاجتماعية والأخلاقية والبيئية، ولابدّ من سنَّ قوانين وتشريعات مهمة وصارمة بحق مُرتكبيها  توقف مُجرمي التقنية وتقلل من حدة هذه الجرائم من خلال إتباع الفكر الوقائي والتثقيفي للفرد، والتنبيه بالمخاطر السلبية الناجمة عنها. واهتمامًا بالمخاطر التي قد تنجم من استخدام شبكات الحاسب الآلي والمعلومات الالكترونية وإدراكًا للحاجة، لتأمين توازن دقيق بين مصالح تطبيق وتنفيذ القانون من جهة واحترام الحقوق الأساسية للإنسان، كما تجسّدت في المواثيق والمعاهدات من جهة أخرى، فإن الدول الأعضاء في المجلس الأوروبي والدول الأخرى الموقعة، قد وضعتْ اتفاقية بودابست لمكافحة الجرائم المعلوماتية 2001. اقتناعًا منهم بالحاجة لمُواصلة سياسة جنائية مُشتركة تهدف إلى حماية المجتمع من جرائم الفضاء ألمعلوماتي كهدف أساسي.
ونظرا للعدد الهائل والضخم الذين يرتادون هذه الشبكة، فقد أصبح من السهل واختصارا للوقت، ارتكاب أبشع الجرائم بحق مُرتديها ومُستخدميها. سواء كانوا أفرادا أو مُجتمعات بأكملها. وهذا ما دفع بالكثير إلى إطلاق الدعوات والتحذيرات من خطورة هذه الظاهرة التي تهدد جميع مُستخدميها. وإن أهم خطوة في مكافحة هذه الجرائم هو تحديدها وتحديد الجهة التي يجب أن تتعامل معها، مع العمل على تأهيل منسوبيها بما يتناسب وطبيعة هذه الجرائم المُستجدة، ويأتي بعدها وضع تعليمات مكافحتها والتعامل معها والعقوبات المقترحة ومن ثم التركيز على التعاون الدولي لمكافحة هذه الجرائم. مع ضرورة توعية الشباب والمراهقين بجرائم الانترنيت، وتنبيه الآباء بضرورة تقديم نصائح لأبنائهم وتوعيتهم بالمخاطر الناجمة عنه، مع التأكيد أيضاً على ضرورة إطلاق حملات توعية وسط المدارس ومقاهي الانترنيت ونوادي الشباب، مع أعطاها أهمية وأولوية ضرورية واهتمام جدي بهذه المسألة.

التدليل الزائد

التدليل الزائد
سهى بطرس هرمز
عندما يزرع الإنسان نبتةٌ ما، فأنهُ كل يوم يسقيها ويعتني ويهتم بها ويقلع كل الأعشاب الضارة التي من حولها لكي لا تضر بها وتخنقها، إلى أن تكبر ويأتي مُوسم حصادها، فيجني ثمار ما غرستْ يداهُ. والإنسان كذلك منذ لحظة الميلاد تبدأ عملية تشكيلهِ وتكوينهِ، وذلك وفقًا لمْا يعيشهُ في حياتهِ من تجارب ومواقف يكتسب منها خبرات تساهم في تكوين شخصيتهِ وإنسانيتهِ. خبراتٌ يكتسب من خلالها أشكال السلوك الإنساني التي تتفق وتتلاءم مع مُتطلبات العيش إلى أن يكبر، وعلى المُحيطين ضرورة فهم وإدراك معنى كيان وحياة إنسان.
والطفل عند ولادتهِ، يُولد وهو صفحة بيضاء ناصعة ونقية تنتظر ما يخطُ عليها الزمان والمُجتمع. يُولد في أرض خصبة بكرْ، يتلقف ما يزرع فيها الوالدين والمدرسة والشارع والمجتمع، من تربية وأخلاق وتعاليم وعادات وتقاليد وطبائع، فينمو ويشبْ وهو صورة مُصغرة عن أقرانهِ. وما من أحد يستطيع أن يُعدّ الطفل الأعداد السليم غير أهلهِ وخصوصًا الوالدان، اللذان لهما الدور الأكبر في تشكيل عودَّ أبنائهم لمْا يغرسون في نفوسهم من تربية سليمةٍ وبناءةٍ وليست مُدمرة. وقد قال جوته:" باستطاعتنا أنجاب أطفال على درجة عالية من التربية، لو كان أهلهم كاملين". أي كاملين نفسيَا وعقليًا وأجتماعيًا وتربويًا.
الوالدان والتدليل:
الوالدان عليهما الانتباه إلى أن مرحلة تنشئة الطفل مرحلة مهمة، تتطلب منهم كثيرا من الجهد والصبر والتحمل والعطف والحماية لهذا الكائن الصغير، فهما مسؤولان مسؤولية كاملة عن حياة وكيان إنسان، جاءَ إلى الحياة وهو غريب عنها، جاهلٌ بأمورها لا يعرف شيئًا عنها.
نرى الطفل عند ولادتهِ يستقبلهُ الأهل ويحيطونهُ بالعناية والاهتمام، ويبدأ الوالدان مسؤوليتهما تجاههُ من تنشئتهِ وتعليمهِ وغرس في نفسهِ كل القيم الصالحة. ولكن هناك حالات وبدون أن يشعر الوالدان أو بدون أن يقصدا، ينشئون أطفالهم بطريقة خاطئة ومُبالغ فيها، من خلال فرط تدليلهم الزائد عن حدهِ.  
وهذا التدليل  Pampering لهُ حالاتهِ التي تكون أحيانًا من باب الشفقة وأحيانًا أخرى من عمق حبهم لأطفالهم. ففي مثل هذه الحالة الاستثنائية، وهي حالة كون طفلهم مُعاقًا أو يعاني من مرض ما في مرحلة الطفولة، فالوالدان عندما يران طفلهما بهكذا حال يصعّب عليهما جداً، ويشعران بالشفقة عليهِ، وطبعًا هذا من حقهم، وإن كانا يُدللانهِ فهذا من حقهم أيضًا، ولكن ليس لدرجة لفت الانتباه وإشعارهِ بإعاقتهِ وبأنهُ مُختلف عن أقرانهِ، لأن هذا بالنهاية سيؤثر على نفسيتهِ وكل تصرفاتهِ وسيتولد لديهِ شعور بالنقص والانطواء وفقد الأمل والابتعاد عن المجتمع، لهواجس وخوف ينتابهُ من تعرضهِ للسخرية أو النظرة الدونية لهُ من قبل البعض، وهذا بالطبع لهُ تأثيرهُ مُستقبلاً على الوالدين.  
وهناك من الأطفال من يتوقعون أن تكون كل حاجاتهم وأمانيهم ورغباتهم مُجابة مهما كانت مُستحيلة التنفيذ، وتكون واجبة التحقيق من قبل من يقوم على رعايتهم (الوالدين). بحكم كونهِ صغير ومن عُمق حبهم لهم، يُلبون جميع رغباتهِ وما يريدهُ بدون تردد وفي لحظتها، وخصوصًا إذا كان الطفل الأكبر لوالديهِ أو طفل وحيد في الأسرة، ولكن بالمقابل هم لا يعرفون أنهم بهذه الطريقة يضرون الطفل ولا يفيدونهُ، ويُولدون الأنانية والغرور في نفسهِ وحب الذات وتفضيلها على الآخرين.  
أي أبٍ وأمٍ يحبون أن يُدللوا أولادهم ويقضون جميع حاجاتهم، ولكن إذا كانت زائدة عن حدها، فهم بهذا يؤذون طفلهم ويولدون سلبية في كل شيء في حياتهِ، لأن كثير من الأطفال الذين تعرضوا لكثير من التدليل الزائد يُعانون من الخوف الشديد والقلق والجُبن! خوف من الأقدام على خطوة في حياتهِ بمفردهِ، خوف من الظلام ومن البقاء وحيداً، ومن قلة الاهتمام والرعاية.....الخ. هذا الخوف يستغلونهُ لصالحهم، لأنهُ بهِ يُمكنهم من الحصول على المزيد من الحب والرعاية من قبل ذويهم، وهذا بدورهِ يستغلونهُ في بناء أسلوب حياتهم وتحقيق أهدافهم.
وهناك من الأطفال من يتظاهرون بالمرض والتعب، لأنهُ بهذا ضامن أن كل طلباتهِ ورغباتهِ تكون مُجابة وبالتالي سيضمن أنهُ سوف يتم تدليلهُ أكثر وأكثر ويصبح مركزاً لاهتمام الجميع! وهنا بهذا سيتحول إلى طفل مُتحايل! يتعلم الحيلة والمُراوغة، وأي شيء يريدهُ سيتعامل بهذا الأسلوب كي يحصل عليهِ، حتى ولو كان على حساب أمكانية والديهِ.  
وشخصية الفرد المُدلل تبلغ خطورتها عندما يصل إلى مرحلة المراهقة والبلوغ! وإذا حاول أحد الوالدين المُعاندة معهُ ورفض تنفيذ أحد طلباتهِ، سيتحول إلى إنسان عدواني وانفعالي! ويُصاب بنوبات من الغضب والصراخ وكسر الأشياء والتمرد على كل شيء، ويُصبح التعامل والتفاهم معهُ صعبٌ جداً، لأنهُ مُتعوّد منذُ صغرهِ على الأخذ بدون تعب وعدم الشعور بالمسؤولية، مُتعود على الطلب والآخرين عليهم التنفيذ!   
الوالدان المسكينان كان كل همهم فرحة طفلهم، ولكن بدون قصد جعلوا من طفلهم هذا، إنسانًا يجد صعوّبة في العيش عندما يكبر، لأنهُ تدربَ منذ نعومة أظافرهِ على الأخذ دون العطاء! الوالدان خلقوا إنسان عاجز على الاعتماد على نفسهِ وصنع ذاتهِ وشخصهِ، إنسان فاقد القدرة على الاستقلال بذاتهِ، يُعاني من الخمول وضياع الهدف، يجد صعوبة في التكييف مع ظروفهِ الخاصة، وصعوبة الانخراط والاستمرار في الأعمال. إنسان يكون كل إهتمامهِ نفسهُ وكيف يجعلها مُتميزة ومُفضلة. إنسان أصبح راغبًا في الحصول على المزيد، واتكالي لا يعرف معنى الاعتماد على الذات والمُشاركة والتعاون، فاشلٌ في الحياة، لا يعرف كيف يُسيرها ويُسايرها ويتأقلم معها. وعندما تواجههُ مشكلة، فأن الحل الوحيد أمامهُ هو طلب المُساعدة ممنْ حولهُ (إنسان اتكالي)!
الوالدان خلقوا إنسانًا لا يعرف معنى الحياة، ومعنى المسؤولية، والبعض يكبر ولكن تعاملهُ وتفكيرهُ وتصرفهِ مازال كطفل صغير. إنسان فاشل اجتماعيًا! والوالدان من جانبهم حتى لو كانت لديهم الإمكانيات المفروض أن لا يلبوا جميع رغباتهِ، حتى يتعلم الرضا والقناعة في كل شيء، وأنهُ عندما يكبر ربما الحياة لن تمنحهُ كل شيء مرة واحدة! لأنها تحمل الكثير من الايجابيات والسلبيات معًا. والوالدان المفروض أن يزيدوا من معلوماتهم عن كيفية تنشئة الطفل التنشئة الصحيحة، لأنهُ كلما زادت معلوماتهم زادت قدرتهم أكثر على المساعدة، وأنشئوا إنسان قادر على الاعتماد على ذاتهِ وصقل شخصهِ وإنسانيتهِ كإنسان.   

الأمل: هو الطريق إلى الحياة

الأمل: هو الطريق إلى الحياة
سهى بطرس هرمز
الحياة رغم كل شيء، وعن أي شيء.... أمل ٌ.
 مقولة تقول:" إذا فقدت مالك فقد ضاع منك شيء لهُ قيمة، وإذا فقدت شرفك فقد ضاع منك شيء لا يقدر بقيمة، وإذا فقدت الأمل فقد ضاع منك كل شيء". أي شيء تفقده في الحياة  لهُ قيمة،  فالمال قيمة مادية، والشرف قيمة أخلاقية، والأمل لهُ قيمة روحية..  فالأمل موجود في داخل كل إنسان، ولكن بإرادته هو وإقناع نفسهِ بأنهُ فقدهُ، بالفعل سيفقده حتماً.
أملنا هو الدافع الذي يعطي للحياة الاستمرارية، وهو البصيص الذي يُضيء دربنا لحياة أجمل وأرقى، يسكن قلوبنا ويُحرك السعادة فيها، وينفض غبار الحزن والألم والكآبة واليأس التي تركها الزمن في نفس كل فرد ظن إن الأمل يمكن إن يظل مفقود إلى الأبد. أملٌ يُعطي التفاؤل الذي يدفع بالفرد نحو التمسك بالحياة من جديد، راسمًا بسمةٍ على شفاه، نسيت معناه في وقت اليأس والإحباط والغدر.
ولكن الأمل واليأس لا يلتقيان أبداّ، لأن اليأس هو فقدان الأمل. فعندما نصل إلى حدّ اليأس ينكسر الأمل الذي بداخلنا ويتلاشى تدريجيًا، فلا نشعر بروعة وطعم الحياة وتفقد المعاني روعتها ورونقها. ويسكن الألم والحيرة قلوبنا، وتغيب الابتسامة وتذبل أوراق حياتنا بمرور الوقت. ولو تأملت في معنى كلمة الأمل لوجدت بأن الأمل هو الذات نفسهُ (ذاتي أنا، ذاتك أنتَ)، ذاتٌ تعبر عن وجودها في الحياة والوعي بها، وأننا لسنا مُجرد كائنات خُلقتْ للسعّي بتلقائية والاعتماد على الغير.
في لحظة من لحظات حياتنا، نتمنى، نحلم بأن أحقق مشروع أو حلم داخل ذاتي أو إن أحقق ذاتي نفسها، ولكن فجأة وبدون مُقدمات، نفقده ويضيع! فنتألم ونحزن، ونشعر بإحباط ويأس قاتلين ووحدة مع الذات. كيف إن حلم حياتي لم يتحقق؟! كيف إن الذي رسمتهُ وخططتهُ ذهب مع مهب الريح؟!
نعم، تشعر بإحباط وخوف من الفشل في تكرار المُحاولة، والاصطدام بواقع يمكن إن يسبب صدمة لك. ولكن أنت على خطأ إذا فكرت بسلبية قبل بدء رحلتك إلى هدفك ثانية، وتدرك الأخطاء التي كانت السبب في فشلك الأول، وتحاول إن تتجنبها في مُحاولتك الثانية. فالإنسان يملك عقل، وقدرات وطاقات كبيرة وقوى خفية، ولكنهُ بحاجة إلى إن يزيل عنها غبار الكسل والإحباط. فأنت أقدر وأقوى مما تتصور في اجتياز المحنة والصعاب، لأن الإنسان بنفسهُ هو من يخلق الصعاب وبإرادته يستطيع إن يجتازها ويتخطاها إلى نجاح آخر في مجال آخر.  
جددّ الأمل داخلك وأحييه وأجعلهُ دومًا ربيعًا دائمًا ولا تدعْ اليأس يعشش في داخلك، لأنك ستتعب كثيراً وتفقد قواك. فكل ما عليك أن تفعلهُ هو أن تطرد وتشطب كل الكلمات السلبية والمُحبطة من داخلك مثل:" أخاف المُحاولة، تكرار الفشل، لا أستطيع، أنا مُتردد، أنا متشائم"، وضع مكانها:" أنا أصنع المُستحيل، أنا مُبدع، أنا ناجح وطموح".  فالإنسان لا يهنئ بحياة سعيدة بدون أمل وهدف وأحلام ومشروعات كثيرة مُتزاحمة في الأذهان، يحلم ويؤمن بتحقيقها والوصول إليها في حاضره ومستقبلهِ المجهول، رغم كل المصاعب التي من المُمكن إن تعترض طريقهُ، وتحدهُ عن دربهِ.
كما أنهُ لا وجود لأمل ضائع، ولكن اليأس الذي يُسيطر على فكر وعقل وداخل الإنسان هو من يشعره بضياعهِ وبإحباطهِ ويقنع نفسهُ بهذا. نعم، قد تشعر بالوحدة، وقد يطول المشوار، وقد تنزلق في بعض المطبات، ولكن رغم ذلك تبقى تعيش وتتنفس وتحس بمْن حولك، وتطرب للألحان، وتتألم للأحزان، ولكن يبقى الأمل مُوجود مادامتْ الحياة موجودة ومستمرة، وما دمت أنتَ مُوجود. فقط في حالة واحدة نفقد الأمل حينما يسرق الموت أعز ما في نفسنا ويرحل! ولكن رغم كل شيء وعن أي شيء فلابدّ من تحدي اللاشيء والوقوف لهُ  وضدهُ لاجتيازه وعبورهُ إلى الشيء.  
فكل الأشياء التي من حولنا ليست سيئة وليست جيدة، وليست إيجابية ولا سلبية، لكن نحن الذين نصبغها بهذه الصبغة، ونشكل لون حياتنا وطعمها بحلوها ومرها، فلا تلقي اللوم على الحياة فيما تشكو منهُ. وإذا كان الأمس قد ضاع من بين يديك، فلكَ اليوم، وإذا كان اليوم سيجمع أوراقهُ ونسماتهِ ويرحل، فلديك الغد! فلا تحزن على أمس ذهب لأنهُ لن يعود، ولا تتأسف على اليوم لأنهُ راحل، ولكن أحلم وأسعد بنور مُشرق في غدٍ بهي وجميل. وكن مُتفائلا، ولا تستسلم مهما كانت مُحاولاتك فاشلة للوصول إلى هدفك وآمالك، الذي تجلب لك الآلام قبل الفرح كجزء من مُتطلبات الحياة.

أفهم انفعال طفلك، لتعرف كيف تتعامل معهُ؟

أفهم انفعال طفلك، لتعرف كيف تتعامل معهُ؟
سهى بطرس هرمز/ بكالوريوس قانون
عندما تسأل شخص ما، كيف تشعر حينما يكون غاضبًا، قلقًا، مُنزعجًا، خائفًا، مسروراً؟ فأنك بهذا السؤال تسألهُ عن الانفعال. انفعالات تتولد داخل الإنسان استجابة لموقف يعيشهُ، أو نتيجة لتفاعلهِ مع الخبرات التي يتعرضون لها، فتنشأ الانفعالات فجأة.  
فالانفعال هو حالات داخلية، وحالة توتر أو حالة وجدانية عنيفة تصحبها اضطرابات وردود أفعال فسيولوجية وتعبيرات سلوكية حركية، وهي حالة تأتي الفرد بصورة مُفاجئة وعابرة ولا تدوم طويلا. وتلعب الانفعالات دوراً هامًا في حياة الإنسان وفي شخصيتهِ، ويعدها علماء النفس دافعًا للسلوك الإنساني. ويفترض جيلفورد إن هنالك عدداً من المواقف التي يصبح فيها الإنسان مُنفعل، واصفاً إياها وقائلا: تتطور انفعالاتنا عندما تكون الدافعية قوية، كما تتطور انفعالاتنا عندما نصل إلى حالة تحقيق الهدف أو فقدان الأمل في تحقيقهِ، وأيضا تتطور عندما نواجهُ إحباطًا لدوافعنا.
والانفعالات تشبه الدوافع في كونها حالات داخلية لا يمكن ملاحظتها أو قياسها مباشرة. وبينهما ارتباط وثيق، فمثلا عند ولادة الأطفال حديثي الولادة يبدو عليهم القلق والانزعاج والبكاء عندما تتولد لديهِ حاجة الجوع وكذلك نفس الشيء عندما تنبعث ردود أفعال موجبة كالسرور عند إشباع حاجتهم وتغذيتهم، كما أنهُ عند تعرضهم لصوت عالي يجفلون، وهذه علامة مُبكرة على الخوف.
انفعالات الأطفال:
 الأطفال في أثناء مرحلة تكوينهم يتعرضون لنوبات من الانفعالات والغضب المصحوب بالاحتجاج اللفظي، واختلال في معايير السلوك، مُشكلاً ضرراً عليهم وعلى أسرهم والمجتمع في حالة عدم تداركها مبكراً. والأسباب المؤدية إلى هذه الاضطرابات كثيرة منها:  عند حرمانهِ من إشباع حاجاتهِ، وما يتعرض إليهِ وهو جنين في بطن أمهِ من أمراض تتعرض إليها والدتهِ، وأيضا سوء التغذية وتناول المُنشطات والمُهدئات.
وقد تكون الأسباب مُرتبطة بالبيئة والمجتمع المُحيط به، سواء كان أثناء تواجده مع أسرتهِ أو في المدرسة واختلاطهِ بالمجتمع. فعند خروجهِ إلى خضم الحياة والاختلاط بفئات أخرى، يجد الفوارق في الطبقات والمستويات، هذا أبوه مهندس، أما هو فوالده عامل، فتثور كرامتهِ وتتجسم المشاعر التي غرستْ فيهِ في طفولتهِ، فإذا به انقلب على مُجتمعهِ وانفعل دون أن يشعر أو يحس، مُكبتًا بين جنبيهِ الحسد والضغينة والبغضاء لهذا الواقع الذي هو بنفسه صُدم به، مع أنهُ هذه هي الحياة.  
كما إن التدليل المُفرط من قبل الوالدين بحيث يتم الاستجابة لجميع طلباتهِ ورغباتهِ بمُجرد أن يطلبها، والتربية المُتشددة والفوضوية والقسوة والضغوطات تؤدي بالطفل إلى صراع داخلي ونوبات من الغضب والصراخ كوسيلة للاحتجاج، أو اختلاطه بفئات عمرية في المدرسة، أو تكون بسبب المشاكل التي تتعرض إليها الأسر سواء كانت مادية أو اجتماعية أو اقتصادية، مما يدفع بالبعض للعمل والنزول إلى الشوارع لجني لقمة العيش، فيتذبذب تكوينهُ وشخصيتهِ ما بين ما يكتسبهُ من الشارع وما يكتسبهُ من المنزل.
أو قد تكون سبب بعض الانفعالات، الغيرة والحب عند ميلاد طفل جديد، فيظن إن اهتمام والدتهِ وحبها سيؤول جميعهُ إلى المُولود القادم، أو بسبب الخوف من الظلام أو كسر لعبة أو هواجس تنتابهُ أحيانا، نتيجة تخيلهِ لسماع أصوات أو رؤية خيالات!
مثل هذه الأسباب وغيرها تؤدي إلى تولد حالات اضطرابية انفعالية عند الطفل ورفضه لواقع أرغم عليهِ أو وجدَ نفسهُ فيهِ، فينفعل ويتعصب، ويُعاند، ويُقاوم، فيصبح غير مُطيع، أناني، قلق، حزين، مُكتئب، عدواني، مُقاوم، كسول، مُشتت الذهن، انطوائي، سريع الغضب، مُؤذي لنفسهِ وللآخرين، يميل للكذب والاحتلام. هذه الحالات النسبية المُتولدة في كل طفل، إن تركت بدون إن يتم تحجيمها وتداركها، تكبر معهُ تدريجياً. فمثلا إذا أرغم من قبل الأم أو الأب على فعل شيء ليس لديهِ رغبة في إن يقوم به أو لا يُطيقه، أو ربما يعاقب بدنيًا كوسيلة للرضوخ إلى أوامرهم وطلباتهم، هذه تؤدي إلى تراكم الضغوط وبالتالي تجعلهُ ينفجر غضبًا ويُصاب بنوبات عصبية وهستيرية، فتجعلهُ يثور على واقعهِ ويرفضهُ.
فالانفعالات إذا لم تضبط فأنها تخلف تأثيرات سلبية وآثار جانبية تبرز بصورة أكبر على الصحة النفسية والجسمية وفي السلوك والتفكير وفي التعامل مع الغير، وضبطها ضرورة ومطلب حياتي للإنسان ككل، لأنها على صّلة مباشرة بحياة الفرد. لأنهُ كثيراً ما تسبب الكلمات التي يتلفظ بها بعض الأطفال لوالديهم أو بعض الأفعال والحركات الخاطئة حرجًا كبيراً، لأنها أشارة إلى ضعف الوالدين في تربية أبنائهم وتوجيه سلوكهم التوجيه الصائب.
لذا ننصح:
في السن المُبكرة للطفولة، للأم الأولوية في إن تحيط طفلها بالدفء والحنان، وأن تعلمه كيفية ضبط انفعالاتهِ والسيطرة عليها من خلال إلهائهِ بلعبهِ وتفريغ كل طاقاته في اللعب، وأن لا ترغمهُ على فعل شيء هو لا يريدهُ. فإذا غضب، فعلى الأم أن تكون هادئة تمامًا وصابرة، وتقابلهُ بابتسامة خفيفة، وأن لا تشعرهُ بانفعالهِ ولا تُعطيهِ أهمية أكبر من حجمهِ، وتصرخ هي من جانبها وتثور عليه، مما يزيد من ثورتهِ، ويتعود على هذا ويصبح طبع فيه يكبر معهُ. وبعدها يتطور الأمر معهُ ويصعّب تداركهُ وتحجيمهِ.
ولكننا نرى، بلْ يكون من الأفضل أن توجه انتباههُ إلى أشياء أخرى يشغل نفسهُ بها، تعينهُ على الهدوء ونسيان انفعالهِ وتساعده على التنفيس عن الطاقة الانفعالية الكامنة فيهِ، وتحاول دائما أن تطرب مسامعهُ بموسيقى هادئة تهدئ من أعصابهُ أو تروي لهُ قصص تُخصب من خيالهِ. كما تحاول قدر المُستطاع أن تراقب جميع انفعالاتهِ ونفسيتهِ حين يبدأ بالخروج من محيط العائلة والاختلاط بالمجتمع.  

إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس، فتذكر قدرة الله عليك

إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس، فتذكر قدرة الله عليك
سهى بطرس هرمز
طبعا أدرجنْا هذا القول المعروف عنوان مقالنْا لأنهُ أعجبني الكلام عنهُ وفيهِ وإعطاء فكرة مُبسطة عن مضمونهِ. أن الظلم والتعدّي وانتهاك حقوق الآخرين من أكثر الأمور التي تورث اليأس والحزن والحيرة والانطواء والعزلة في النفوس! ومُمارسة الظلم مع توفر الإمكانيات والفرص أمر منوّط بنفسية الشخص الإجرامية وسلوكهِ ونواياه المريضة طبعًا.
مُمارسة الظلم لهُ طرقهُ، فهناك ممنْ يُمارسهُ بطريق صريح وواضح، وهنالك ممنْ يخترع ألف طريقة ووسيلة ليمارسهُ بلباس الثقافة والأناقة واللباقة! والمُتأمل في أفعال وأعمال البعض من البشر الخاطئة سواء كان في حق نفسهِ أو في حق الآخرين، يجد فيهم من يبتدع ويبتكر في الظلم ويتفننْ به في مختلف الأشكال والأساليب!
وما ندركهُ تمامًا أن الناس أشكال وألوان وأجناس مُختلفين ومُخالفين في الفكر والأفكار، لا تستطيع أن تعرف ما في خباياهم، ولا تستطيع أن تعرف ما في قلوبهم وتفكيرهم للمُقابل، أي بمعنى أصح يتلونون حسبّ مصالحهم ومطامعهم ومزاجهم! والظلم كشعور داخلي مُستتر مُوجود بنسبة معينة ومُتباينة بين فئات البشر على مرّ الأزمنة وما زال ....  والآن نسأل بعض الأسئلة للذين طالهم الظلم:
ــ هل الظلم الذي طالك كان من شخص لم تكن تتوقع منهُ في يوم من الأيام أن يظلمك؟
ــ هل هذا الظلم من قبلهِ وصلك لدرجة الانهيار وأثر في نفسيتك؟
ــ في حالة ما أن قدم ذلك الشخص الظالم اعتذارهُ لك على ظلمهِ لك، هل ستقبلهُ وتُسامحهُ؟
سنكتفي بهذا القدر القليل من الأسئلة، لأن للمُسببات أسباب كثيرةٌ! الظالمون على هذا الكون كثيرون وخصوصًا عندما تغلب المصلحة الشخصية وحبَّ الذات. وهذه الحياة كذلك أقدارها مُختلفة ومُفاجئة! وكثيرا ما ننجرح من الآخرين أو نجرحُ الآخرين بقصد أو بدون قصد بسبب سوء تعاملنْا أو بسبب أقوالنا وتصرفاتنا أو سوء فهمنا بدون أن نشعر، فنحن بشرٌ نخطئ وقد نقسّى حتى على نفسنْا بأنفسنْا، ولكن الاسوء من هذا عندما نتعمّد أن نظلم ونُسيء للآخرين وبعلمنْا وبإرادتنْا! فهل الله وضمير الإنسان والإنسانية يقبل أن نظلم الإنسان على مثالنا، ونترك لهُ ألمًا ومصيرًا شاقًا دون أن يكون لهُ ذنبًا فيما انتهى إليهِ الحال؟! هل ظلم طفلاً  لا حول ولا قوة لهُ مقبول؟! هل جرح الإنسان في كرامتهِ يُرضي الضمير؟! هل تعمد ظلم امرأة من شيمة الرجال؟! هل وهل و هل ...لا تنتهي !!   
عندما ينسّى البعض أنفسهم أو الأصح عندما يتخفون بقناع الثقافة والأخلاق ينسون قيمهم، مبادئهم، أخلاقهم! ينسون أنهم نفسًا بشرية خُصتْ لكي تكون إنسانًا ومع الإنسان ذاتهُ! وهذه الحياة مثلما قلنا نقابل فيها الكثيرين، ممنْ يرسمون لنفسهم في نفوس وذاكرة الآخرين لوحة مُتعددة الألوان ومُتشعبة المعاني، والتي قد تكون مُبهرة وتُسعد أو تكون حزينة ومُؤلمة أو مُبهمة وغير واضحة ومفهومة! أي بمعنى بأقوالهِ وأفعالهِ التي تعكس ما في داخلهِ هي التي تعطيها الجمال أو القبح وتُعطيها الطابع النهائي الخاص بها.  
ولكن يبقى أن نقول أن من أشد أنواع الظلم عندما يتحول الإنسان إلى إنسان آخر، عندما يعيش بازدواجية لكي يُرضي ذاتهُ وشخصهِ الأنانية على حساب حياة إنسان، وهنا يبدأ بمُمارسة كافة أنواع الظلم، كونهُ ينسى نفسهِ، وما لهُ وما عليهِ وما للآخرين من حقوق عليه، يتحول إلى إنسان عدواني، جاحدٍ! وهو في قرارة نفسهِ مُقنعًا ذاتهُ بأنهُ على صواب في كل ما يفعل، مُقتنع تمامًا باجتهاداتهِ وتفسيراتهِ الظالمة وتحليلاتهِ الفكرية الانفرادية!
مع الأسف هذا حال الكثير من البشر وخصوصًا في زماننا هذا، ومع الأسف أيضا لأوقات كثيرة، البعض يُعطي ثقة زائدة عن اللزوم للبعض من الأشخاص، ليس لشيء ولكن لأن طبيعتهم كإنسان طيبةٍ، هكذا لا يقبلون الأذية أو الظلم لأحدٍ، فيظنون أن المُقابل مثلهم.
فالظلم هو ترجمة واقعية لأفعال الكثير من البشر ولحياة الكثيرين منهم المُمارسة! وما أكثر الظالمين على الأرض وما أكثر المظلومين! والظلم مسألة ينبغي على كل واحدٍ مُعالجتها في نفسهِ من جذورها بطريقة أو بأخرى، حتى وأن كلفهُ ذلك وقتًا طويلاً، المهم أن يكون لديه الاستعداد الذاتي والنفسي لتقبل هذا الأمر وبقيمة وأهمية النفس البشرية، وأنهُ لا يجوز أن نظلمها لأن الله لا يقبل الظلم ولا يتوانىّ عنهُ. وكتصرف وليس كأسباب أدتْ بعض الأشخاص إلى ظلم الآخرين فهي ضد الثقافة والطبيعة الإنسانية مثلما أكدنْا. ولأن الله خلقنا وجسّدنْا بالمحبة فلابدّ من الغفران والمُسامحة، لأنهُ بها نرقىّ ونسمّو بإنسانيتنا ونحرر أنفسنْا من قيود أفكار أناسًا مرضى، ناسًا أُسراء نفسهم الجاحدة ومُكبلون بقيودها.
وليتأكد كل واحدٍ بأنهُ عندما يظلم الناس بدون استحقاق، فأنهُ يظلم نفسهِ أولاً، والإنسان لا يبقى لهُ في دنياه غير ما قدمهُ من خير وذكرٍ طيب، والتاريخ شاهد على الكثيرين أصحاب الأعمال الخيرة والأعمال الشريرة، والجميع راحلون وواقفون أمام ربَّهم، والكل سيُسأل عن أعمالهِ! فلابد وأن  يُراجع كل واحدٍ ذاتهِ قبل أن يضع رأسهِ على مخدتهِ ليستريح نهاية يومهِ، كل يومًا في كل شيءٍ وأي شيءٍ في حياتهِ لكي يُعيد ترميم حياتهِ ويُجددها ويقف على أخطائها سواء أن كانت أو لم تكنْ بين الحين والآخر.